خليفة الرميثي .. أنامل ذهبية صغيرة هزمت مخترعين كباراً


تولي الإمارات أهمية كبيرة لعملية الاستثمار في المواهب لا سيما الصغيرة منها، لذا هيأت لها المناخ الملائم لتنمية قدراتها وتفجير طاقاتها الإبداعية، ووفرت لها احتياجاتها التي تساعدها على استثمار قدراتها وتعظيم ابتكاراتها، الأمر الذي يعود بالفائدة على عملية تنمية المجتمع.

ورصدت الدولة ميزانيات ضخمة بهدف الاستثمار في الإنسان الإماراتي وتوظيف طاقاته الإبداعية في مجالات عدة، إيماناً منها بأن ما ينفق على هذه الفئة من المخترعين والمبتكرين والموهوبين بصفة عامة هو نوع من الاستثمار بعيد المدى الذي سيحصد المجتمع ثماره مستقبلاً.

وتزخر الإمارات بمواهب عدة في مجال الاختراعات التكنولوجية التي تسعى إلى إثبات جدارتها بتقديم ابتكارات حية تخدم المجتمع.

ورغم صغر سن المخترع خليفة أحمد خلفان مطر الرميثي إلا أنه كبير المقام بابتكاراته التي جعلت الكثيرين يطلقون عليه لقب "المخترع الصغير"، بعد أن تمكن من وضع اسمه على لائحة الابتكار الإماراتية، حيث إن له شخصية علمية خاصة تهوى علوم الاتصال الحديثة وتسعى إلى تقديم ابتكارات مهمة تفيد المجتمع مستقبلاً.

واستهل الرميثي رحلته مع الابتكار وهو في سن صغيرة، عندما قدم لعبة على شكل رجل آلي، وقد أظهر براعة في برمجتها لدرجة أبهرت أكاديميين وخبراء متخصصين.

اعتمد المخترع الصغير في عدد من المشاريع المتعلقة بعالم التقنية والإلكترونيات لا سيما في بداياته على المشاريع التكنولوجية التي نفذت بالفعل ليبني عليها اختراعه الجديد الذي يأخذ في تطبيقه داخل معمله الصغير في المنزل.

أجواء ملائمة                          

وعن بداياته يقول خليفة: ساعدتني الأجواء التي تربيت في ظلها على ترسيخ أسس الابتكار لدي، حيث كان المنزل مليئاً بالأجهزة الإلكترونية، التي أغرته وهو في الثالثة من عمره على العبث بها وفتح بطونها وتفكيكها من أجل استكشافها وليس للتسلية واللعب، ومن ثم كنت أجتهد لإعادة تركيبها مرة أخرى.

ويؤكد الرميثي أن للأسرة دوراً كبيراً في إبراز مواهبه خصوصاً وأنها وفرت له البيئة المناسبة، فلم ينهره والداه كلما عبث بأحد الأجهزة، بل على العكس كان يجد منهما تشجيعاً لموهبته وهو الأمر الذي نمى بداخله حس الابتكار ودفعه إلى استكشاف هذه الأجهزة المغلقة لمعرفة كيف تعمل.

وقد مثلت اهتمامات خليفة المختلفة عن أقرانه وعزوفه عن ميول أقرانه في الألعاب الإلكترونية والأيباد والإنترنت واستثماره الكامل لوقت فراغه في البحث والاطلاع وتطبيق وتصميم بعض الاختراعات، الدافع لولديه إلى الاهتمام به وتوفير جميع الاحتياجات التي يطلبها وتشجيعه الدائم على البحث وتقديم العون الذي يطلبه .

وعن بداية اكتشاف موهبته يقول: البداية كانت بإصلاحي ريموت كنترول أحد الأجهزة المنزلية والذي أصابه العطب نتيجة عبث إخوتي، لكنني تمكنت من إصلاحه من دون مساعدة صديق، الأمر الذي أبهر والدي، وهنا علم أن لدي موهبة في هذا المجال، لذا قرر أن يضعني على بداية طريق النجاح.

ويتابع: التأمت في دورات لتعلم برمجة الكمبيوتر وأخذت في تصميم بعض البرامج بنفسي، عبر الاستعانة بمحرك البحث جوجل الذي مدني بالقواعد التي أفادتني في هذا العالم الممتع، وكذلك زودني بالأساسيات التي تنمي لدي ملكة الابتكار، وفي الوقت نفسه اشترى لي والدي ألعاباً تعليمية بعضها يعمل بواسطة الطاقة، والآخر يعتمد على الاستنتاج العقلي والاستكشاف الأمر الذي جعلني متحفزاً لعمل شيء مبتكر.

موهبة مبكرة

وانطلقت أنامل الابتكار لدى الرميثي في عمر الخامسة عندما أهداه والده جهازاً إلكترونياً مكوناً من مكعبات، وهنا تحركت ملكة المخترع الصغير فشكل منها إنساناً آلياً وأخذ في تطبيق ما تعلمه من برمجة الكمبيوتر عليه حتى تمكن من التحكم في حركاته، وبالطبع هو يوم لا ينساه المخترع الصغير الذي تأكد كل من حوله أنه يملك موهبة كبيرة تحتاج إلى الرعاية.

ولأن المواهب تحتاج إلى المناخ الملائم الذي يهيئ لها كل سبل الابتكار، خصصت له الأسرة مختبراً صغيراً في المنزل لكي يجري فيه تجاربه بكل أريحية وهدوء، الأمر الذي أسهم في تطوير ملكته الإبداعية فابتكر الستارة الذكية، التي تبدأ في الإسدال بشكل تلقائي عندما ترى ضوء النهار وفي ثوان معدودة، وبمجرد غروب الشمس تعود لتفتح مرة أخرى، وقد استعرض مشروعه هذا في الحفل الختامي السنوي لتخريج الطلاب الذي نظمته مدرسة الإمارات الوطنية في قصر الإمارات وقد نال إعجاب الحاضرين.

مشروعات مجتمعية

بعد ذلك استرعى انتباهه المياه المهدرة نتيجة ري النباتات في الشوارع، ففكر في ابتكار جهاز يرشد منها، فكان مشروعه الذي حمل عنوان «الري» والذي يسعى إلى تزويد النبات بالماء عبر جهاز يقيس رطوبة التربة، ولا يضخ الماء إلا في حالة حاجة النبات للماء بصورة تلقائية.

فيما حصد مشروعه الذي يقوم على التحكم في الأجهزة الكهربائية عن بعد بواسطة أي وسيلة اتصال سواء عن طريق الهاتف المحمول أو الأيباد، جائزة  "المشروع المتميز" خلال ماراثون تقنية المعلومات" الذي نظمته جامعة الإمارات في 2013.

وأدهش خليفة الذي كان في الثالثة عشرة من عمره الأساتذة والأكاديميين، بعد أن تفوق على من هم أكبر منه عمراً في الماراثون، حيث كان أصغر المتسابقين، لا سيما وأنه قدم مشروعاً فردياً على مستوى تصميم الفكرة والتنفيذ، الأمر الذي أثار دهشة وإعجاب، وتفاعل الحضور الذين شكلت لهم عبقرية الرميثي ملامح قراءة مخترع سيكون له شأن كبير في المستقبل، شريطة أن يلقى الدعم والاهتمام اللازمين .

واستخدم في إنجاز مشروع «التحكم الإلكتروني في أجهزة المنزل الكهربائية»، الذي يحتاج لطاقة كهربائية قوتها 240 فولتاً، جهاز آردوينو، إيثرنيت شيلد، مفتاح تتابعي، بطارية 9 فولت، راوتر، صندوق كهربائي، وصلات إثرنيت، ووصلات كهربائية.

طموحات كبيرة

لكن لم تقف طموحات الرميثي عن هذا الحد بل أخذ في تطوير مشروعه، فأدخل عليه بصمة الصوت، إذ يعطي أوامر صوتية للجهاز فينفذ، فمثلاً يطلب منه إغلاق الأضواء أو تشغيل أي جهاز كهربائي على الفور ينفذ ومن أي مكان حتى ولو كان خارج الدولة، المهم أن يكون الجهاز متصلاً بالإنترنت.

ويؤكد خليفة أن دافعه إلى الاختراع دائماً ما يكون احتياجات المجتمع فعلى سبيل المثال، ابتكر جهاز نظام المنطقة الآمنة للمشاهدة البصرية والذي يحمل اسم «آي سيف زون سيستم» بعد أن لاحظ أن الكثير من أولياء الأمور يعانون مشكلة جلوس الأطفال أمام شاشات التلفزيون بمسافة قريبة ما يعرّضهم لمخاطر الإصابة بإجهاد العين أو الصداع أو غيرها من هذه الإصابات المتعلقة بأمراض العيون وهو ما جعله يفكر في وضع حل مناسب وفعّال لتحذير الأطفال من هذه المشكلة فابتكر هذا الجهاز.

وسجل الرميثي براءة اختراعه في مكتب تسجيل براءات الاختراع في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن عمل هذا الجهاز لا يتوقف على ذلك فقط، إذ جعله متعدد الاستخدام بحيث يوفر حماية للأطفال، وللبيت في حالة مغادرته.

ويعمل النظام بشكل آلي، حيث يتم ربط وصلات أجهزة مشغلات القنوات الفضائية والفيديو بأنواعها المختلفة أو ألعاب الفيديو بجهاز التلفاز، ويحتوي النظام على جهاز تحسس يرسل ذبذبات فوق صوتية والتي ترتد إلى القارئ، فينشئ نطاق تحسس من خلاله يتم قياس مسافة جميع الكائنات المحيطة.

وترصد وحدة التحكم الجزئي الخاصة بمتابعة النطاق بشكل متواصل ومستمر اختراق أي شخص للمسافة المحددة بحيث إذا دخل النطاق توقف الوحدة البث من أجهزة الرسيفر إلى التلفاز، وتصبح الشاشة سوداء وتبث رسالة تفيد بضرورة الرجوع إلى الخلف، وعندما يرجع الشخص إلى الخلف يستمر البث

التعليقات