علم الابتكار.. قابلية التأقلم بشكل طبيعي


شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بقصر سموه في البطين محاضرة بعنوان علم الابتكار .. قابلية التأقلم بشكل طبيعي" والتي ألقاها الدكتور بو لوتو أحد أشهر علماء الأعصاب والابتكار في العالم.

كما شهد المحاضرة إلى جانب سموه كل من سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة وسمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة العين وسمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي و سمو الشيخ الدكتور سلطان بن خليفة آل نهيان مستشار صاحب السمو رئيس الدولة ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح ومعالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وعدد من الشيوخ وأعضاء السلك الدبلوماسي وكبار الشخصيات.

عام التسامح

وربط الدكتور بولوتو المدير المؤسس لمختبر غير المتأقلمين، الذي يعد أول مختبر للتصميم العصبي في العالم، بين الابتكار والتسامح، مشيرا إلى أن دولة الإمارات التي تعد أحد أبرز الدول اتخذت من الابتكار وسيلة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية فيما تحتفي هذا العام بالتسامح.

 

ونوه إلى أن الابتكار يبدأ بالإقرار بعدم المعرفة ومن ثم بنائها بشكل مترابط يخدم احتياجات الإنسان مما يولد روحاً من التواضع أساسها التسامح بين الفريق الواحد والمجتمع الواحد وكذلك باقي المجتمعات.

و قال إن مفهومي الابتكار والتسامح مرتبطان مشيراً إلى أن تحقيق الريادة في الابتكار والتسامح يتطلب شجاعة بالغة تتيح للبشر التخلص من المخزون المعرفي النمطي الذي يعمل على تقييد الفكر البشري ويرسم صورة مشوشة للأشياء من حولنا وإن بدت وكأنها صحيحة في أعين الكثيرين لارتباطها بالصورة النمطية التي خزنتها عقولهم.

وأوضح أن اعتماد الابتكار والإبداع شعاراً لتجاوز التحديات والوصول إلى الأهداف الاستراتيجية يعد أمراً هاماً إن لم يكن مطلباً ملحاً إلا أن الوصول إلى نتائج يتطلب الكثير من العمل والتغيير.

التنبؤ والتفكير

وأضاف بو لوتو أن البشر بطبيعتهم أوفياء للصور النمطية وبالتالي التفكير النمطي وعليه فإن قراراتهم لا يمكن أن توصف بالابتكارية وقال :" إننا نكره عدم اليقين، ومع مرور الزمن تصبح الأدمغة غير قادرة على التنبؤ والتفكير بمعزل عن تلك الصور النمطية التي خزنتها تلك الأدمغة بغض النظر عن مدى صحتها.

وأكد أن الدماغ البشري لم يتطور بعد ليتأقلم بشكل تام، مشيرا إلى انعدام قيمة البيانات التي تقع على حواسنا ما لم يصل الدماغ البشري لمرحلة من التطور التي تؤهله للوصول إلى الفوائد الكامنة في تلك البيانات والمعلومات والصور التي يتم تخزينها في عقولهم.

 

وقال : " لا يقتصر تأثير عدم القدرة على التأقلم أو عدم القدرة على الوصول إلى القيم الحقيقية على الأفراد بل يتجاوز ذلك ليصل إلى الشركات والمؤسسات، فالشركات الأكثر نجاحا هي التي تنجح في تقليل من عدم اليقين مستشهدا باسلوب عمل شركات ومؤسسات خدمية عالمية " مؤكدا أن الأدمغة التي تدير تلك الشركات لابد أن تؤمن بضرورة هدم الصور وأساليب التفكير النمطية التي وصفها بالعدو الأول للابتكار والإبداع.

عموم المعرفة

ولفت المحاضر إلى التحديات التي تواجه البشر في اتصال نحو 50% منهم بالشبكة العنكبوتية بشكل دائم وهو ما يولد ما أسماه " عموم المعرفة" لافتا إلى أن تلك المسلمات من المعرفة المستقاة من الإنترنت لا تشجع على الابتكار بل إن الأصل أن ندع الفرصة سانحة أمام الأجيال المقبلة للتخيل وعدم القبول بالمسلمات النظرية التي قد يثبت نجاحها أو فشلها في المستقبل.

و تطرق المحاضر إلى النمط الذي تتسم به أغلب الوظائف في العالم اليوم مشيرا إلى أن تلك الوظائف تتطلب مهارة الابتكار مستندا إلى دراسة لموقع "لينكد إن" الاجتماعي والتي تشير إلى أن أكثر المهارات المطلوبة في سوق العمل الآن تتطلب مهارات الإبداع و القدرة على التأقلم.

وأوضح المحاضر أن حقائق كثيرة في العالم لم يتم اكتشافها حتى الآن على جميع الأصعدة الطبيعية والبيئية وحتى العلمية وهو ما يعزز لدينا القدرة على إطلاق العنان لاكتشافها منوها إلى ما أكده العلماء بشأن أن 90% من المعلومات المرئية في الدماغ تقع في المنطقة الرمادية (تحتاج إلى اكتشاف من جديد) بينما تقع 10% فقط في المنطقة الخضراء وهي التي تم التعرف إليها بإتقان.

المدارس الإماراتية

وفي ختام محاضرته أشاد المحاضر بالمستوى الابتكاري الذي وصلت إليه المدارس الإماراتية والطلبة أيضا وقال إنه اندهش من مستوى طلبة ومدارس الإمارات في زيارته الأخيرة قبل أشهر ومدى التفاعل بين الطلبة ومحاضريهم وهو ما يختلف كثيرا عن بلدان كثيرة في العالم".

ويعتمد بو لوتو في عمله على مشاركة الجمهور إذ يسعى إلى تشجيع الناس على النظر إلى العالم باعتباره متصلا بكل جوانب حياتهم من خلال التمكين.

وقادت أفكار بو لوتو بشأن أهمية العلم للناس العاديين إلى المشاركة في المعارض التي يقيمها متحف العلوم في لندن وبفضل برنامج لوتو التعليمي تم نشر أول ورقة بحث مجازة علميا كتبها أطفال المدارس.

يذكر أن بولوتو يعمل حاليا استاذاً في كلية "غولدسميث" بجامعة لندن وباحثا زائرا بجامعة نيويورك.

أكد المحاضر في معرض رده على أسئلة الحضور، أن النظام التعليمي يجب أن يركز على كيفية التأقلم، وليس على الكفاءة كما في بريطانيا وأمريكا، مشيراً إلى أن النظام التعليمي الذي يركز على الكفاءة لا يمكن أن يخرج أشخاصاً أكثر إبداعاً.

وأبدى إعجابه بمستويات الطلبة في الإمارات، مشيراً إلى أنه قبل بضعة أشهر ألقى محاضرة لمجموعة من طلبة المدارس وذهل من أسئلتهم التي تنمّ عن وعي وإدراك.

وأوضح أن الابتكار المقبل ليس في التكنولوجيا، وإنما في طريقة العيش التي تمكّن من طريقة الابتكار وتتطلب تواضعاً وتسامحاً.

المحاضر في سطور

الدكتور بو لوتو، خبير ابتكار ومؤلف ومؤسس ومدير «مختبر غير المتأقلمين»، وهو أول مختبر للتصميم العصبي في العالم، ويجري تجارب فريدة في عالمنا، تطلع الجمهور بشكل مباشر على ما يكتشف وتهدف إلى إنشاء وتوسيع وتطبيق الأفكار عما يجب أن يكون عليه الإنسان. ويهدف إلى تشجيع الناس على النظر إلى العلم كونه متصلاً بكل جوانب حياتهم، بتمكينهم في تجربة كيف يكونون علماء.

يعمل المحاضر حالياً أستاذاً في كلية «جولد سميث» بجامعة لندن، وباحثاً زائراً بجامعة نيويورك. وفي سنة 2017، نشر كتابه الأول «الخروج عن التقليد: علم النظر إلى الأشياء بطريقة مختلفة».

التعليقات